سوق الاستشارات في دول مجلس التعاون يكسر حاجز ٣ مليارات دولار!

محمد آل زمانان

Last updated on يناير 9th, 2020 at 10:48 ص

 

 

 

 

أصدرت شركة “Source Global Reserch” تقريرها لعام ٢٠١٩ عن قطاع الاستشارات الإدارية في دول مجلس التعاون الخليجي، والذي ذكرت فيه بأن سوق الاستشارات سجل نمواً بنسبة ٩.١ في المئة في العام ٢٠١٨، مما جعل السوق الخليجي يكسر حاجز ٣ مليارات دولار لأول مرة.

وفقًا لأبحاث الشركة، كان النمو الهائل في دول مجلس التعاون الخليجي العام الماضي مدفوعًا إلى حد كبير بارتفاع الطلب في المملكة العربية السعودية؛ حيث تمثل المملكة نصف الإنفاق الاستشاري في المنطقة، لتطوير الاستراتيجيات المتعلقة ببرامج التحول الوطني، ورؤية المملكة ٢٠٣٠ لبعض الوزارات والهيئات الحكومية.

وهذا يقودني لتساؤل سبقني عليه الكثير من الكتاب والمهتمين بالاقتصاد السعودي وهو: ما دور الشباب (أبناء الوطن) في رؤية قائد التغيير الأمير محمد بن سلمان؟

وهناك أيضاً تساؤل آخر هو: ألا يوجد لدينا شركات استشارية، وبيوت خبرة وطنية، ومستشاريين سعوديين من أبناء الوطن قد تُوَكَّلُ لهم بعض هذه المهام؟

هل فعلًا ما زالت الصورة الذهنية بأن المستشار الأجنبي -صاحب العيون الزرقاء والشعر الأشقر- هو الأفضل والأجدر لتسليمه ملفات استشارية قيادية؛ بل وفي بعض الأحيان قد يُستعان به لتنفيذ مشاريع حيوية وحساسة.

عزيزي المسؤول المُخْلِص: من فضل الله وبالنظرة الثاقبة الحكيمة من ولاة الأمر ـ حفظهم الله ـ اُبْتُعِثَ مئات الآلاف من الشباب السعودي -أبناء الوطن- للدراسة في أفضل جامعات العالم جنباً إلى جنب مع المستشار الأجنبي الذي سمحتم له بالقدوم لتقديم الاستشارات لنا؛ بل تفوقوا عليه أبنائنا في الكثير من الأحيان وفي بلده وبِلُغَتِهِ.

من المؤسف أن نرى بعض الوزارات والهيئات تستمر في هذه العقدة المزمنة بالاعتقاد بأن الاستشاري الأجنبي هو الأفضل والأجدر، وأنه شخص غير عادي ومختلف القدرات والإمكانات…

ما يزال يرى أصحاب القرار المخولين بتنفيذ هذه المشاريع الاستشارية بأن المستشار الأجنبي خبير لايشق له غبار، وقادر على حل جميع مشاكلنا؛ ولا يلبث أن يكتشف بأنه اتخذ أكبر خطأ في حياته المهنية كمسؤول، وكان أجمل ما في هذا المشروع الذي دفع فيه مبالغ كبيرة جداً هو عرض “البوربوينت” قبل ٣ أعوام. يبدأ هنا التخبط لإصلاح مايمكن إصلاحه، وتعيين استشاري آخر لإكمال المشروع للخروج من المأزق وفي نهاية المطاف لا يُكْمِلُ المشروع سوى ابن الوطن.

يحكي لي أحد الزملاء والذي تم تعيينه للعمل مع أحد المستشاريين الأجانب، وبعد مباشرة عمله بأيام قليلة طلب منه مدير المشروع بالجهة بأن يتولى المشروع بدلًا من الأجنبي للكفاءة التي يتمتع بها، وترك الأجنبي يتولى تصميم عروض “البوربوينت” فقط لحين انتهاء عقده.

أنا لست ضد الاستفادة من خبرات الأجنبي في حدود ضيقة جدًا، وفي التخصصات التي لا يوجد من يعمل بها من أبناء الوطن، وبوجود ابن الوطن بجانب الأجنبي طيلة وجوده.

قصة واقعية: عملت لفترة معينة مع أحدى أكبر بيوت الخبرة بإحدى الجامعات السعودية، والذي كان يعمل بها رموز استشارية سعودية لايشق لهم غبار في مجالاتهم مسلحين بشهادات عالمية وخبرات طويلة جدًا، هؤلاء الرجال حفروا الصخر طوال السنوات الماضية، -معظمهم وصل سن التقاعد- للحصول على عقد استشاري مماثل لما يحصل عليه الأجنبي ولم يتم ذلك؛ بل إنه في معظم الاوقات إذا رَغِبَ الاستشاري الأجنبي بنجاح المشروع والخروج بنتائجٍ مذهلةٍ للجهات يستعين بخبرات استشاريين من أبناء الوطن لعدة أسباب من ضمنها: البيئة والمفاهيم، والقوانين المحلية، والكفاءة والخبرة بالاقتصاد السعودي التي لايملكها المستشار الأجنبي.

الدول لا تنهض إلا بعقول شبابها، وإذا ما استمرت هذه النظرة للمستشار الأجنبي فإننا مكانك سر، وسينتهي حال أبناء الوطن المؤهلين والذين ابتعثوا لأرقى جامعات العالم في الألفية الحالية إلى من سبقهم من خريجي ثمانينات القرن الماضي، والّذِين تقاعدوا أو أوشكوا على التقاعد ولم يُسْتفاد من خبراتهم.

اترك تعليقاً

Connect with:

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى