سيكولوجية الجماهير
تأليف: غوستاف لوبون
Last updated on فبراير 11th, 2020 at 07:37 م
ترجمة: أحمد فتحي زغلول.
سنة النشر: 2018.
الناشر: عصير الكتب للنشر والتوزيع.
غوستاف لوبون مؤرخ وعالم اجتماع فرنسي شهير (1841-1931م ).. عرف بموقفه المدافع عن الحضارة العربية خلافاً للاتجاه الغربي السائد آنذاك وهو ما ظهر في مؤلفه الشهير: حضارة العرب. وكذلك نالت كتبه في مجال علم النفس الجمعي شهرة واسعة حيث تناول بالتحليل العلمي الظواهر المرتبطة بوجود الجماهير وربطها بنظريات فسر على أساسها سلوك الجماعات ونهجها.. يعد سيكولوجية الجماهير أحد أهم هذه الأعمال وأكثرها شهرة رغم مرور الزمن.
طبيعة الجماهير:
“الجماهير مجنونة بطبيعتها.. فالجماهير التي تصفق بحماسة شديدة لمطربها المفضل او لفريق كرة القدم الذي تؤيده تعيش لحظة هلوسة وجنون.. والجماهير المهتاجة التي تهجم على شخص لكي تذبحه دون ان تتأكد من انه هو المذنب هي مجنونة ايضاً.. فاذا ما احبت الجماهير دينا ما او رجلا ما تبعته حتى الموت كما يفعل اليهود مع نبيهم والمسيحيون المتعصبون وراء رهبانهم والمسلمون وراء شيوخهم.. والجماهير اليوم تحرق ما كانت قد عبدته بالأمس وتغير افكارها كما تغير قمصانها، والفرد ما ان ينخرط في جمهور محدد حتى يتخذ سمات خاصة ما كانت موجودة فيه سابقا، أو يمكن القول أنها كانت موجودة ولكنه لم يكن يجرؤ على البوح بها او التعبير عنها بمثل هذه الصراحة والقوة، وكما ان روح الفرد تخضع لتحريضات المنوم المغناطيسي أو الطبيب الذي يجعل شخصاً ما يغطس في النوم فان روح الجماهير تخضع لتحريضات وايعازات أحد المحركين أو القادة الذي يعرف كيف يفرض ارادته عليها.. وفي مثل هذه الحالة من الارتعاد والذعر فان كل شخص منخرط في الجمهور يبتدئ بتنفيذ الأعمال الاستثنائية التي ما كان مستعدا اطلاقا لتنفيذها لو كان في حالته الفردية الواعية والمتعقلة.. فالقائد الزعيم اذ يستخدم الصور الموحية والشعارات البهيجة بدلاً من الافكار المنطقية والواقعية يستملك روح الجماهير ويسيطر عليها. وهناك نمطين من الفكر فقط: الأول يستخدم الفكرة المفهومية والثاني يستخدم الفكرة المجازية أو الصورية.. والأول يعتمد على قوانين العقل والبرهان والمحاجة المنطقية، وأما الثاني فيعتمد على قوانين الذاكرة والخيار التحريض.. وأكبر خطأ يرتكبه القائد السياسي هو أن يحاول اقناع الجماهير بالوسائل العقلانية الموجهة الى أذهان الأفراد المعزولين”.
تصفح الكتاب:
يبحث غوستاف لوبون من خلال هذا الكتاب في الحالة النفسية للجماعات التي لها تأثيراً كبيراً في حياة الأمم، ممهداً أولاً بنبذة عن زمن الجموع وأحوال الكون والانقلابات العظيمة الحاصلة فيه والتي يقع ورائها في الغالب سبباً حقيقياً واحداً هو (التغيرّ الكلي في أفكار تلك الأمم). ولكن جاءت قوة أعظم لابد من الاعتداد بها لأنها أكبر قوة وجدت، ألا وهي (قوة وسلطة الجماعات)
فالاجتماع هو الذي ولّد في الجماعات قوة إدراك منافعها وهو الذي جعلها تشعر بما لها من القوة والسلطان، وهذا أصل تأسيس الجمعيات التي تخضع أمامها السلطات واحدة بعد الأخرى؛ لذا كان من الضروري معرفة أحوال الجماعات النفسية، فمن المفيد استكناه أسباب الأفعال التي تصدر عن الإنسان ومعرفة حقيقة المعدن.
في الباب الأول من كتاب سيكولوجية الجماهير تطرق إلى روح الجماعات من خلال المميزات والخصائص العمومية للجماعات وقانون وحدتها الفكرية النفساني، وقد أشار هنا إلى المعنى المتعارف عليه لمفهوم الجماعات بأنها “اللفيف من القوم مطلقاً وإن اختلفوا جنساً وحرفة، ذكوراً كانوا أو إناثاً، وعلى أي نحو اجتمعوا”، ولكن في علم النفس لها معنى آخر؛ ففي بعض الظروف يتولد في الجموع صفات تخالف كثيراً صفات الأفراد المؤلف هو منها، حيث تختفي الذات من خلال الانخراط في روح الجماعة، والتي يصعب شرحها شرحاً دقيقاً لأن نظامها يختلف باختلاف الشعب وباختلاف طبيعة المؤثرات.
تطرق الكتاب أيضاً إلى طبيعة مشاعر الجماعات وأخلاقها، والتي تتميز بكثير من الصفات كقابلية الاندفاع والغضب وعدم القدرة على التعقل، وفقدان الإدراك وملكة النقد والتطرف في المشاعر، وعدم مسالمة الجماعات وميلها إلى التسلط والإمرة والمحافظة على القديم. ومن ثم توضيح العوامل البعيدة والقريبة في معتقدات الجماعات وأفكارها؛ كالشعب، والتقاليد، والزمان، والنظامات السياسية والاجتماعية، والصور والألفاظ والجمل، والتجارب. وكيفية استعمال هذه العوامل استعمالاً مفيداً في قيادة الجماعات والوسائل التي يستعين بها القواد في التأثير؛ كالتوكيد والتكرار والعدوى.
وأخيراً.. في الباب الثالث والأخير؛ اتضح تقسيم الجماعات وقد جاءت قسمين: جماعات مختلفة العناصر، وجماعات مؤتلفة العناصر.. كالجماعات الجارمة، والعدول المحلفون أمام محاكم الجنايات، وجماعات الانتخاب، والمجالس النيابية.