كوريا الجنوبية هل هي النموذج الفعّال لمكافحة كورونا؟

ماهو السر الذي نجّى تايوان من كورونا؟

Last updated on يونيو 15th, 2021 at 02:51 م

لماذا تحديدًا كوريا الجنوبية ؟

قال مدير عام منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، الأربعاء 18 مارس 2020، إن فيروس كورونا المستجد “عدو للبشرية و كوريا الجنوبية مثالًا يحتذى به في التعامل مع الفيروس الخطير.”

لفتتْ نظري هذه العبارة فطفتُ أبحث لماذا هذه الشهادة من منظمة الصحة العالمية في حق كوريا الجنوبية ؟

وتساءلتُ هل يمثل نظام الرعاية الصحية في كوريا الجنوبية نموذجًا مستقبليًا يحتذى به، على الرغم من انها  كانت محط انتقاد منظمة الصحة العالمية قبل سنواتٍ؟

المعلومات الحديثة تشير إلى أن كوريا الجنوبية تملك نظام للرعاية الصحية يُقدّم الخدمات المجانية لمواطنيها والمقيمين فيها بإدارة وزارة الصحة التي تموّل برنامج وطني إجباري للتأمين الصحّي يغطي 97% من السكان.

ولكن هل يكفي هذا لتشهد لها منظمة الصحة العالمية بانها نموج للانتصار في الحرب على كورونا؟

إنها البيانات:

قال المسؤول في منظمة الصحة العالمية ومنسق فريق التجاوب مع كورونا بمنطقة غرب المحيط الهادئ، “عبدي محمود” لمجلة وول ستريت: “تساعد البيانات في الكشف المبكر والاستجابة السريعة للمرض”.

نعم لقد حققت البيانات الضخمة النصر المطلوب في صراع العالم مع فيروس كورونا المستجد، ويُعدّ النموذج الكوري هو النموذج في ذلك، من خلال ثلاث خطوات  وهي العزل، والاختبار، والتعقب.

بهذه الخطوات تمكنت كورويا الجنوبية من خفض عدد الإصابات والوفيات، حيث تفشى الفيروس في فبراير 2020  وقامت بتعليم وتمكين وإشراك المجتمع في مكافحة الفيروس.

لكن السر أنها طوّرت استراتيجية اختبار مبتكرة، ووسعت سعة المختبر وقننت استخدام الأقنعة، والأهم أنها قامت بتتبع واختبار الاتصال الشامل في مناطق محددة؛ ثم عزلت الحالات المشتبه بها في مرافق مخصصة “.

في ذروة الأزمة كان هناك أكثر من 800 حالة يوميًا، وفي 18 مارس كان التقرير يشير لـ90 حالة فقط في اليوم.

في أزمة كورونا قررت كوريا الجنوبية تبني أسلوب حديث لمراقبة المصابين بالمرض عبر تحليل البيانات الضخمة التي تساعدها على التنبؤ بالحدث قبل وقوعه، فالدولة ترصد تحركات المصابين من خلال بيانات هواتفهم الذكية وبطاقات الائتمان ومقاطع الفيديو لدى كاميرات المراقبة، وتتيح للجمهور العام معرفة تحركات المرضى عبر البيانات المفتوحة في موقع وزارة الصحة، كي يعرف بقية المواطنين مناطق وجود المصابين بالفيروس.

أما أي مسافر قادم  إلى كوريا الجنوبية من الصين، فقد كانت كوريا الجنوبية تشترط عليهم تسليم أرقام هواتفهم قبل دخولهم أراضيها، ومن ثم استخدام تطبيق للإبلاغ عن وضعهم الصحي بشكل يومي.

وللحفاظ على مواثيق استخدام البيانات فان كوريا الجنوبية تبلّغ المسافرين بأن للدولة الحق في نشر بياناتهم الشخصية، وذلك في حال ثبتت إصابتهم بكورونا، بينما مازالت بعض دول العالم تعتقد ان هذا الاجراء مناف للخصوصية.

البيانات والإبداع

بالطبع ليس تحليل البيانات وحدة من جعل القضاء على كورونا سريعًا لكن تايوان تتميّز بقوة النظام الصحي حسب” تصنيف موقع “نمبيو “، كما أن لديها قدرة فائقة على التحاليل المخبرية السريعة، إذ أجرت حوالي 358 ألف تحليل، وهو أعلى رقم في العالم، رغم أن مجموع الحالات المؤكدة بالفيروس لديها لم يتجاوز تسعة آلاف حالة، وشعبها التزم بالحجر الصحي الاختياري، وهناك الطرق الإبداعية التي تتخذها كوريا الجنوبية لإجراء اختبارات الفيروس، مثل “درايف ثرو”(المرور بالسيارة) و”والكينغ ثرو”(المرور سيرًا على الأقدام) وجهودها لتوسيع صادراتها من أدوات التشخيص بناء على طلب الدول الأجنبية.

تاريخ أزمة كورونا:

 

 ما قصة “المريضة” 31
*هي مصابة كورية بفيروس كورونا المستجد من أتباع كنيسة شينتشونجي وتبلغ من العمر 88 عامًا وهي المريضة رقم 31.
تعرّضت لحادث بسيط خلال سيرها بأحد شوارع مقاطعة ديغو؛ ما استدعى نقلها لأقرب مستشفى لتلقى العلاج، ومن ثم انتشر الفيروس في المستشفى بعد مخالطتها لعددٍ من المرضى والأطباء وأطقم التمريض.
وخلال خضوعها للعلاج بالمستشفى حضرت المريضة 31 قُداسًا في كنيسة شينتشونجي القريبة من مكان علاجها مرتين خلال يومي 9-16 فبراير ، لتُسجّل الكنيسة بعدها مايزيد عن 134 حالة إصابة بفيروس كورونا المستجد، مايشير إلى أن المريضة 31 نقلت العدوى للمصابين الجدد في الكنيسة.
العجيب في الأمر أن أطباء مستشفى مقاطعة ديغو أكدوا أنهم طلبوا من المريضة إجراء فحوصات فيروس كورونا، بعد أن شُخصت حالتها على إنها اشتباه في الإصابة بكورونا، إلا أنها رفضت إجراء التحاليل، وذهبت لتناول وجبة غداء برفقة أحد أصدقائها، بحسب رواية الأطباء، ولكنها توجهت لإجراء الفحوصات الطبية في مستشفى آخر بعد تفاقم حالتها الصحّية.

وتمكنت المراكز الكورية لمكافحة الأمراض والوقاية –منظمة حكومية كورية- من الحصول على قائمة بأسماء من اختلطوا بالمريضة 31 خلال تواجدها بكنيسة شينتشونجي، مشددة على أن 1200 شخصًا اشتكوا من أعراضٍ تُشبه إلى حدٍ كبير أعراض كورونا المستجد، فيما تأكد إصابة المئات منهم بالفيروس.
ورصدت المراكز ظهور حالات إصابة بالمستشفى التي توجهت إليها المريضة 31؛ لإجراء الفحوصات الطبّية، وهو الأمر الذي ربط بين ظهور المريضة 31 في الكنيسة والمستشفى، وكونها عامل مشترك في ارتفاع أعداد المصابين بفيروس كورونا المستجد في مقاطعة ديغو.
وظلت السلطات الكورية تُحقق في كيفية انتقال فيروس كورونا إلى المريضة 31، والتي لم تغادر البلاد قبل تفشي الوباء عالميًا، ولم تتصل بأي من الحاملين لعدوى المرض.
وقد أبلغت جميع المدن والمحافظات الرئيسية تقريبًا عن بعض الإصابات. ومع ذلك فإن ديغو، حيث توجد الكنيسة، لديها حتى الآن معظم الحالات. سيول ، وهي منطقة حضرية تضم أكثر من 25 مليون نسمة، لديها عدد أقل من الحالات.

ثم أعلن الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن مدينة دايجو الجنوبية الشرقية وأجزاء من مقاطعة شمال جيونج سانج “مناطق كوارث خاصة”، وهي المرة الأولى التي تعلن فيها كوريا الجنوبية منطقة ما من منطقة كارثة من مرض معدٍ، ولكن بعد تحديد معظم حالات الإصابة الجماعية المرتبطة بأعضاء الكنيسة، شهدت البلاد اتجاهًا تنازليًا في الحالات الجديدة.

أمثلةأخرى

نشرت وكالة رويترز يوم 20 مارس 2020 تقريرًا حول إعلان كوريا الجنوبية عن آلاف حالات الإصابة بالفيروس كورونا في غضون أيام قليلة في أواخر فبراير 2020.

وتركزت الزيادة في الحالات حول مجموعة رئيسية واحدة من كنيسة في مدينة ديغو. وبدأت الدولة في حصر أعداد الحالات المؤكدة والتي كانت أعلى بكثير من أي مكان آخر خارج الصين واستمرت الحالات في الارتفاع منذ ذلك الحين.

ومن ثم تأكد الفيروس لأول مرة في البلاد في 20 يناير عندما تم عزل امرأة صينية تبلغ من العمر 35 عامًا والتي سافرت من ووهان ، الصين إلى مطار إنتشون الدولي، الذي يخدم سيول ، عند دخولها البلاد. في الأسابيع الأربعة التي أعقبت الحادث ، وتمكنت كوريا الجنوبية من تجنب تفشي المرض مع إصابة 30 شخصًا فقط بالفيروس، على الرغم من التفاعلات العديدة بين أولئك الذين تأكدوا لاحقًا أنهم مرضى وتم تحديد مئات الأشخاص على أن لديهم اتصالات بالمرضى.

تايوان ..النموذج الناجح  ليس من السهل تطبيقه، فالاعتماد على البيانات وتحليلها بواسطة تطبيقات الذكاء الاصطناعي في حكومات العالم، يستوجب اهتمام الحكومات نفسها بجمع البيانات المفتوحة وإتاحتها للجمهور، لكن الواقع يشهد عكس ذلك، فكثير من سكان بعض الدول ليس لديهم بياناتٍ مُسجلة في أنظمة التأمينات الاجتماعية.

لذلك فإن كورونا لم يقتل المصابين به فقط لكنه أثبت أن استخدام التكنولوجيا وتحليل البيانات مازال الطريق فيه يحتاج إلى التعاون الدولي لتنفيذ خطوات النجاح فيه.

*تقرير مترجم عن رويترز بتصرف

اترك تعليقاً

Connect with:

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى