في يوم المرأة العالمي تكتب “هالة القحطاني”
Last updated on سبتمبر 4th, 2020 at 05:14 م
وبعض الأحلام تتحقق أيضا
كتبت أول قصة في الصف الخامس الابتدائي، ومنذ ذلك الوقت أكتب.
كانت الكتابة في البداية وسيلة للتعبير عن المشاعر والأحلام المتواضعة، التي لا تتعدى اطلاق المخيلة وراء امتلاك دمية بشعر مسترسل، يمكنها التحدث وفتح واغلاق عينيها.
كبُرت الاحلام ، وتغيرت الكتابة مع ازدياد سنوات العمر ومتطلباته، فما كان يُكتب في المرحلة المتوسطة اختلف كثيراً عن ما كُتب في المرحلة الثانوية. والتي توقعت حين تنتهي، ان اجد الجامعات في الانتظار فاتحة ذراعيها. ولكن قوبلت بالرفض من ثلاث جامعات لعدم وجود مقاعد كافية، ولعدم توقعهم نجاح هذا العدد الكبير من الطالبات.
فعدم وجود قبول في الجامعات في ظل محدودية التخصصات، لم يكن وقعه بالأمر المحبط فقط، بل كان مثل حكم الإعدام ذلك الوقت.
حينها ذهبت لعمادة القبول والتسجيل لمقابلة المدير، لأقطع له وعداً بإحضار معقد من بيتنا، بعد إنهاء عملية قبولي بالجامعة، ولكنه رفض وطلب مني الخروج قبل استدعاء الأمن، لأنني ارتكبت مخالفة بالدخول لمبنى القبول والتسجيل، الذي كان مقتصرا فقط على الرجال !
لم اكن بمفردي بل وجدت غيري كثيرات، تعانين نفس المشكلة، فدفعني الرفض لكتابة مقال، صببت فيه جام غضبي وغضب دفعتي على وزير التعليم العالي ذلك الوقت. انتقدت فيه الوزير والوزارة التي من المفترض أن تعني بمستقبل الطالبات الجامعي ،فعوضا عن ذلك علقت الوزارة قصورها، على أعداد الخريجات الهائلة والغير متوقع، حيث كان من المفترض أن ترسب الطالبات او تتزوجن، ولكنهن ارتكبن خطا فادح حين باغتن الوزارة بنجاحهن!
وحين وجدت مقعداً شاغراً ،في تخصص لم أختره وخرجت. توظفتْ لاكتشف فيما بعد بانني تعرضت للخداع، بعد ان تم توظيفي على درجة اقل من زميلي في العمل بثلاث درجات ، والذي كان يحمل نفس التخصص وبراتب أعلى بكثير. وحين استفسرت، حاولوا اقناعي وإقناع كثيرات غيري بإن الرجل يُعيل والمرأة تُعال، وكأنه نظام مؤسسي متفق عليه. فيما بعد أدركت بإن الفساد كان بيننا ، حين اكتشفت بأن اخ زميلي كان مديراً تنفيذيا.
فكتبت أطالب مع غيري بتطبيق العدل في الوظائف والرواتب، والتدريب والترقيات والعلاوة، وسلطتُ الضوء على حركة ثعبان الفساد.
وحين زادت معاناة التنقل والمواصلات، كتبت مثل غيري ايضاً، عن أهمية السماح بالقيادة، ووجود مواصلات عامة ورفع بدل المواصلات. وحين تعرضت مثل البقية للتمييز والتهميش والاقصاء والاذية من بعض الجهات ،بسبب تلك المطالبات. كتبت عن واقع المعاملة السيئة التي افرزها الموروث الاجتماعي، في التعامل مع المرأة في أماكن العمل، والأماكن العامة وفي محيط الأسرة، وتواطؤ بعض القطاعات الخدمية ضدها.
كان اغلب ما يُكتب يُقابل بالإستهزاء تارة والإستنقاص تارة أخرى. وكان المحبطين يحرِّفون المطالبات ويربطوها بأهداف سيئة، معللين بأن لا احد سيسمع صوتنا في النهاية.
فالحق بامتلاك الأوراق الثبوتية، والعمل والتمكين للوصول للمناصب القيادية، وفرص التدريب والابتعاث، وامتلاك منزل وسيارة تقودها بنفسها، والحق في اتخاذ قراراتها الطبية، وتبليغ الولادة، وتسجيل الابناء في المدارس، او فتح حسابات بنكية لهم، وغيرها من الكثير الحقوق، وُصمت بالأحلام الجامحة، خاصة حين تناولت الطموحات ضرورة دخولها لمجلس الشورى، ومجلس الوزراء.
إلى ان جاء الوقت الذي قادت فيه الدولة العديد من الإصلاحات، وجعلت على رأسها حقوق المرأة وتمكينها وتعزيزها، لأنها تؤمن بانها النصف الآخر الحيوي من المجتمع، وأحد أهم الاعمدة التي تغذي البيوت والأسر بالحياة.
في نهاية 2016 كتبت مقال بعنوان على الرصيف، تخيلتُ فيه ما سيحدث من تطورات إيجابية، وحلمت فيه بالصورة التي ستصبح عليها حياتنا اليومية في 2020.
واليوم وجدت بأن أغلب ما تخيلنا وحلمنا اصبح واقع وحقيقة، نعيشها اليوم وكل يوم في هذا الوطن العزيز على قلوبنا.
فأعز الله خادم الحرمين الشريفين و قيادته الحكيمة، حين استوصى بنا خيراً.
قد تبدأ الأحلام متواضعة مثل امتلاك دمية بشعر مسترسل تتحدث وتحرك عينيها.
ولكن بعض الاحلام حين تكبر تخرج من نسيج الخيال… وتتحقق.